أبرز البطولات والألقابالدوري الإسباني الليغا

كيف حقق ريال مدريد الليغا المجنونة في موسم 2006-2007 ؟

كان يوم الأحد 17 يونيو 2007 هو اليوم الأخير من منافسات الدوري الإسباني لموسم 2006-2007، ولم يكن بطل الدوري قد حُسم بعد. تصدّر ريال مدريد جدول الترتيب برصيد 73 نقطة، متساويًا مع برشلونة، لكن الفريق الملكي كان يتفوّق في المواجهات المباشرة، بعد فوزه في كلاسيكو سانتياغو برنابيو وتعادلهما 3-3 في ملعب “كامب نو”.

ورغم أن التوقعات كانت تشير إلى تتويج أحد القطبين، ريال مدريد أو برشلونة، إلا أن المنافسة ظلت مفتوحة حتى الجولة الأخيرة. كان ذلك الموسم معقّدًا للغاية حتى لحظاته الأخيرة.

كان نادي ريال مدريد في موسم 2006-2007 فريقًا مليئًا بالتغييرات، سواء في غرفة تبديل الملابس، أو على دكة البدلاء، أو حتى في المقصورة الرئاسية. ففي صيف 2006، تولى رامون كالديرون رئاسة النادي الملكي بعد فوزه في الانتخابات، حيث وعد خلالها بالتعاقد مع سيسك فابريغاس، وكاكا، وآريين روبن.

لكن الواقع كان مختلفًا ، بحيث لم ينضم أي من هؤلاء في ذلك الموسم. صحيح أن روبن جاء لاحقًا، لكنه وصل في صيف 2007، خلال موسم 2007-2008. أما كاكا، فقد ارتدى قميص ريال مدريد في عام 2009، ولكن في عهد الرئيس فلورنتينو بيريز.

ريال مدريد في مرحلة جديدة

شهد نادي ريال مدريد العديد من الإضافات الجديدة، سواء على مستوى التشكيلة أو على مستوى الادارة

فبعد عشر سنوات من انضمامه إلى النادي كلاعب، عاد مياتوفيتش مرة أخرى، لكن هذه المرة كمدير رياضي. ولم يكن هو العائد الوحيد؛ إذ عاد أيضًا المدرب الذي قاد مياتوفيتش في موسم 1996-1997 الشهير، فابيو كابيلو، ليتولى قيادة الفريق من جديد.

كما حدث قبل عقد من الزمان، اجتمع الاثنان مرة أخرى في نادٍ كان في أمسّ الحاجة للعودة إلى المنافسة الحقيقية على لقب الدوري، بعد سنوات من التراجع والاضطراب

منذ تتويج ريال مدريد بلقب الدوري في موسم 2002-2003، دخل الفريق في مرحلة صعبة اتسمت بعدم الاستقرار وكثرة التغييرات على مستوى الجهاز الفني. ورغم تحقيق بعض النجاحات المحدودة، مثل الفوز بكأس السوبر الإسباني، فإن الفريق فشل في الظفر بالبطولات الكبرى، سواء على الصعيد المحلي أو الأوروبي.

كانت تلك الفترة مليئة بالإخفاقات وخيبات الأمل، حتى وصلت الأمور إلى ذروتها باستقالة فلورنتينو بيريز من رئاسة النادي في منتصف موسم 2006-2007، في إشارة واضحة إلى عمق الأزمة التي كان يمر بها النادي آنذاك.

التغييرات في التشكيلة

بالنسبة للاعبين، شهد ريال مدريد وصول العديد من الأسماء الكبيرة. تم التعاقد مع فابيو كانافارو، الذي كان قد فاز بكأس العالم في 2006 كقائد للمنتخب الإيطالي، وفاز أيضًا بجائزة الكرة الذهبية. في الوسط، انضم إيمرسون، لاعب كابيلو المفضل، والذي كان قد دربه في يوفنتوس وروما. كما تم التعاقد مع محمادو ديارا، اللاعب المالي من ليون. في خط الهجوم، تم التعاقد مع رود فان نيستلروي وخوسيه أنطونيو رييس، الذي جاء على سبيل الإعارة من آرسنال.

لكن مع هذه التعاقدات الجديدة، حدثت تغييرات كبيرة في أدوار بعض اللاعبين. على سبيل المثال، اختفى المدافع فرانسيسكو بافون من حسابات كابيلو تمامًا، كما شهد موسم رونالدو الأخير مع ريال مدريد، حيث لعب 13 مباراة فقط، قبل أن ينتقل إلى إيه سي ميلان في يناير 2007.

من اللاعبين الذين عانوا أيضًا في ظل أسلوب كابيلو كان ديفيد بيكهام. في البداية كان في صراع مع كابيلو بسبب قرار الأخير بعدم تجديد عقده مع النادي، ولكنه عاد إلى التشكيلة وساهم في العديد من المباريات الهامة، مثل تسجيله هدفًا رائعًا من ركلة حرة ضد ريال سوسيداد.

مشكلة كابيلو وبيكهام في نادي ريال مدريد

أهمية الدوري

كان ذلك الموسم استثنائيًا بامتياز، ليس فقط بسبب التتويج، بل بسبب الطريقة التي تحقق بها اللقب. إلى جانب الضغوط الهائلة الناتجة عن ثلاث سنوات من الجفاف دون ألقاب، تلقى الفريق صفعة مبكرة في بطولة كأس ملك إسبانيا.

فبعد تجاوزه فريق إيتشيا في الدور الأول، ودّع ريال مدريد البطولة سريعًا على يد ريال بيتيس في دور الـ16. انتهت مباراة الذهاب في إشبيلية بالتعادل السلبي 0-0، بينما حُسمت مباراة الإياب في سانتياغو برنابيو بالتعادل 1-1، وهي نتيجة لم تكن كافية للتأهل، ليُقصى الفريق من البطولة بشكل مبكر.

كان ريال مدريد يعيش في فترة أصبح فيها الخروج من دور الـ16 في دوري أبطال أوروبا عادة سنوية. ولسوء الحظ، استمرت هذه السلسلة لعدة مواسم متتالية. ففي موسم 2006-2007، وبعد تجاوز مرحلة المجموعات، اصطدم فريق فابيو كابيلو بخصم قوي هو بايرن ميونيخ.

في مباراة الذهاب على ملعب سانتياغو برنابيو، قدّم الفريق أداءً هجوميًا جيدًا وحقق فوزًا بنتيجة 3-2، بأهداف سجلها القائد راؤول (هدفان) والهولندي رود فان نيستلروي. لكن المشكلة كانت في الهدفين اللذين سجلهما الفريق البافاري، واللذَين تركا الباب مفتوحًا على مصراعيه في لقاء العودة.

وفي أليانز أرينا، بدأت الكارثة مبكرًا، إذ سجل بايرن ميونيخ هدفًا بعد عشر ثوانٍ فقط من صافرة البداية، وهو ما شكّل صدمة للفريق الإسباني. وفي الشوط الثاني، أضاف الألمان الهدف الثاني، ليضعوا ريال مدريد في موقف صعب. ورغم تقليص فان نيستلروي للفارق من ركلة جزاء في الدقائق الأخيرة، لم يكن ذلك كافيًا. خرج ريال مدريد من دوري الأبطال، مرة أخرى، من دور الـ16.

حل شهر مارس، ولم يتبقَّ للمرينغي سوى الأمل في استعادة لقب الدوري.

رحلة الدوري

عانى ريال مدريد في الدوري من عدة انتكاسات، بعضها كان غير متوقع تمامًا. بعد تعادله مع فياريال، سجل الفريق ثلاث انتصارات متتالية، لكن الجولة الخامسة حملت ديربي مدريد في البرنابيو أمام أتلتيكو، وانتهت المباراة بالتعادل (1-1). غير أن المشكلة الحقيقية جاءت في الجولة السادسة، حيث تلقى الفريق خسارة مؤلمة 1-0 أمام خيتافي، ليعود مجددًا إلى نفس المأزق.

وكأن الأمور لا تكفي، ففي الجولة السابعة كان برشلونة، متصدر الترتيب، يزور البرنابيو. ورغم الضغط شهدت المباراة لحظة فارقة في الموسم.تقدم فريق كابيلو مبكرًا عبر راؤول الذي حول عرضية سيرجيو راموس برأسه إلى الشباك.

وفي الشوط الثاني، ضاعف فان نيستلروي النتيجة بعد تمريرة جميلة من روبينيو، لتنتهي المباراة بفوز مستحق 2-0، ويصبح ريال مدريد على بُعد نقطتين فقط من برشلونة.

في الجولة الثامنة، حلّ الفريق ضيفًا على ملعب “نو إستادي دي تاراغونا” لمواجهة ناستيك، الذي تقدم بهدف مبكر، لكن الريال عاد بقوة. روبيرتو كارلوس عادل النتيجة من ركلة حرة، ثم أضاف هيلغيرا وروبينيو هدفين ليخرج الفريق فائزًا 3-1. كانت تلك العودة بمثابة عنوان مبكر لموسم مليء بالتقلبات.

بعد أسبوع، عاد الفريق ليسقط في البرنابيو أمام سيلتا فيغو، في مباراة بدا فيها ريال مدريد تائهًا، وتُعد هذه أول خسارة للفريق على أرضه في ذلك الموسم، لكنها للأسف لم تكن الأخيرة. بعد ذلك، حقق الفريق أربعة انتصارات متتالية، أبرزها مباراة أمام أتلتيك بلباو في البرنابيو. ثم جاءت خسارة جديدة في إشبيلية، هذه المرة كان الريال هو من تقدم أولًا عبر ركلة حرة من بيكهام، لكن الفريق الأندلسي قلب النتيجة وفاز 2-1.

تلتها صحوة بفوز على إسبانيول في برشلونة بنتيجة 1-0، لكن سرعان ما سقط الفريق مجددًا، وهذه المرة في هزيمتين متتاليتين. الأولى كانت كارثية بكل ما تحمله الكلمة من معنى: خسارة 0-3 أمام ريكرياتيفو في البرنابيو. كانت تلك آخر مباراة في عام 2006، نهاية مأساوية لعام مضطرب.

فوز ريكرياتيفو بثلاثية امام ريال مدريد

البداية لم تكن أفضل. دخل الفريق عام 2007 بخسارة أخرى، هذه المرة في ملعب الريازور، الذي تحوّل إلى عقدة مزمنة للريال، حيث لم يحقق الفوز هناك منذ موسم 1991-1992. انتهت المباراة بنتيجة 2-0، وبدأت وسائل الإعلام تتحدث عن “أزمة ريال مدريد” من جديد، أزمة تبدو بلا نهاية.

الفريق كان في المركز الثالث، بفارق خمس نقاط عن إشبيلية المتصدر، وأربع نقاط خلف برشلونة. حاول ريال مدريد التقاط أنفاسه بفوزين على سرقسطة ومايوركا، لكن سرعان ما عاد لدوامة النتائج السيئة، بهزيمة جديدة في الجولة العشرين أمام فياريال

في الجولة الثانية والعشرين، نسي المدرب فابيو كابيلو خلافاته مع ديفيد بيكهام، بعد فترة من الجمود. شارك النجم الإنجليزي من جديد، وساهم في فوز مهم لريال مدريد بنتيجة 2-1. بدا أن الفريق على وشك استعادة توازنه، لكن ما تلا ذلك كان محبطًا للغاية: أربعة تعادلات متتالية، اثنان منها في قلب البرنابيو.

بدأت سلسلة التعادلات بتعادل سلبي 0-0 أمام ريال بيتيس في مدريد، تلاه ديربي العاصمة أمام أتلتيكو في ملعب فيسنتي كالديرون، حيث تقدم الأتلتيكو بهدف، قبل أن يسجل غونزالو هيغواين هدف التعادل في الشوط الثاني، وهو بالمناسبة، أول أهدافه بقميص ريال مدريد.

ثم جاء التعادل الثالث، 1-1 أمام خيتافي في البرنابيو، في مباراة لم يكن الأداء فيها على مستوى التطلعات. وأخيرًا، التعادل الشهير والمجنون في كامب نو أمام برشلونة، بنتيجة 3-3، في واحدة من أكثر مباريات الكلاسيكو إثارة في ذلك العقد

ريال مدريد ضد برشلونة 3-3

حقق ريال مدريد فوزًا جيدًا على برشلونة في كامب نو، حيث سجل فان نيستلروي هدفين وسجل سيرخيو راموس الهدف الثالث من ركلة حرة نفذها غوتي. كانت المباراة مثيرة للغاية، وكان الفريق الملكي قريبًا من الفوز بعد أن تقدم 3-2 في الدقيقة 90، لكن الحظ لم يحالفهم ليُسجل هدف التعادل في اللحظات الأخيرة. ورغم ذلك، كانت نتيجة 3-3 مرضية إلى حد ما، خاصة أن الفريق كان قد فاز 2-0 في مباراة الذهاب ضد برشلونة، مما منحهم الأفضلية في حالة التعادل بالنقاط. وفي هذه الحالة، كان ريال مدريد سيتفوق على برشلونة بسبب تفوقه في المواجهات المباشرة.

ومع ذلك، وقبل 12 جولة من نهاية الموسم، كان برشلونة لا يزال يتصدر الدوري بفارق خمس نقاط. بعد هذه المباراة، بدأ ريال مدريد في تحقيق سلسلة من الانتصارات المتتالية، ففاز بثلاث مباريات متتالية، ومع تبقي ثماني جولات فقط على النهاية، كان الفريق لا يزال متأخرًا بخمس نقاط عن المتصدر.

مع بداية الجزء الأخير من الموسم، أظهر ريال مدريد أداءً مذهلًا. فاز 2-1 أمام فالنسيا، ثم حقق فوزًا رائعًا 1-4 في سان ماميس أمام أتلتيك بلباو. كما جاء فوز آخر مهم ضد إشبيلية في البرنابيو، حيث قلب الريال النتيجة بعد أن تقدم الفريق الأندلسي 1-0، ليحقق فوزًا 3-2. كان هذا الانتصار حاسمًا، حيث انتزع الفريق المركز الثاني من إشبيلية، مع بقاء الفريق على بعد نقطتين فقط من برشلونة الذي تعرض لهزيمة أمام فياريال في الجولة 31.

ريمونتادا لا تنسى

كانت واحدة من أكثر المباريات التي لا تُنسى في ذلك الموسم بلا شك هي مباراة يوم السبت 12 مايو 2007، اليوم الذي قلب فيه ريال مدريد الطاولة على الدوري الإسباني. استضاف ريال مدريد فريق إسبانيول في البرنابيو، وكان الفريق الكتالوني متقدماً 2-0 بعد مرور أكثر من عشرين دقيقة من بداية المباراة. قلص فان نيستلروي الفارق بهدف رائع، ولكن سرعان ما عاد باندياني ليضيف الهدف الثالث للفريق الأزرق والأبيض، مسجلاً هاتريك في الشوط الأول في البرنابيو.

لكن ما حدث بعد ذلك كان ملحمة حقيقية. الفريق الملكي أظهر عزيمة غير عادية. قلص راؤول الفارق إلى 2-3، ثم دخل خوسيه أنطونيو رييس من مقاعد البدلاء في الشوط الثاني ليسجل هدف التعادل 3-3. وفي الدقيقة 88، بينما كانت المباراة تلفظ أنفاسها الأخيرة، انطلق غونزالو هيغواين من الجهة اليمنى، حيث انقضت الكرة في يد رييس، الذي أرسلها إلى كاميني ليُسجل هيغواين هدفاً حاسماً 4-3.

بهذا الهدف، قاد هيغواين ريال مدريد إلى فوز تاريخي على إسبانيول، ليصعد الفريق إلى صدارة الدوري مؤقتًا في انتظار نتائج مباريات الغد.

ريمونتادا ريال مدريد ضد اسبانيول 4-3 موسم 2006-07

وفي اليوم التالي، لعب برشلونة ضد ريال بيتيس في كامب نو، وانتهت المباراة بالتعادل 1-1. بتلك النتيجة، أصبح الفريقان متساويين في رصيد النقاط (66 نقطة)، لكن ريال مدريد انفرد بالصدارة بفارق الأهداف. لأول مرة في الموسم، أصبح ريال مدريد في القمة، مع تبقي أربع جولات على النهاية.

لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، ففي اليوم التالي، حل ريال مدريد ضيفًا على ريكرياتيفو في هويلفا. تذكر الجميع أن الفريق خسر 3-0 في مباراة الذهاب، لكن هذه المرة بدأ الفريق الملكي بشكل مميز. تقدم في الدقائق الأولى عن طريق روبينيو.في الشوط الثاني، ارتكب حارس مرمى هويلفا خطأً بتدخله العنيف على روبينيو، ليتحصل ريال مدريد على ركلة جزاء سجلها فان نيستلروي بنجاح ليجعل النتيجة 2-0.

ولكن الفريق المضيف لم يستسلم، وسرعان ما قلصوا الفارق من ركلة جزاء أخرى، قبل أن يدركوا التعادل في الدقيقة 85 من ركلة ركنية. كانت المباراة على وشك الانتهاء بالتعادل 2-2، ولكن في الدقيقة 90، وبينما كان ريال مدريد في حاجة ماسة إلى النقاط، حدث ما لا يُنسى. تقدم هيغواين إلى حافة منطقة الجزاء، تعرض للعرقلة، ثم استلم بيكهام الكرة المرتدة وأرسلها إلى سيرخيو راموس الذي سددها ببراعة في الجهة اليسرى، حيث كان روبرتو كارلوس في موقع جيد، ليسجل هدف الفوز 3-2. هدفٌ ثمين منح الفريق ثلاث نقاط ذهبية!

استمر ريال مدريد في القمة، ليظل في سباق مثير مع برشلونة. في الجولة التالية، استضاف البرنابيو ديبورتيفو لا كورونيا، الذي كان قد فاز على ريال مدريد في الجولة الأولى. سجل راموس الهدف الأول، وتعادل ديبورتيفو عبر كابديفيلا، لكن سرعان ما استعاد ريال مدريد التقدم بهدف من راؤول، واختتم فان نيستلروي المباراة بهدف ثالث ليحقق الفريق الملكي فوزًا مهمًا. في الوقت ذاته، فاز برشلونة أيضًا، وبالتالي ظل الصراع على القمة مستمرًا.

لكن في الجولة التالية، سيشهد تاريخ كرة القدم الإسبانية لحظة لا تُنسى، حيث سيُسجل هدفٌ تاريخي من أحد لاعبي إسبانيول.وها نحن على بعد لحظات من حسم هوية بطل الدوري.

لعنة تامودو

السبت 9 يونيو 2007، كان يومًا تاريخيًا سيظل محفورًا في ذاكرة كل مشجع لريال مدريد. كانت الجولة قبل الأخيرة من الدوري الإسباني، وزار ريال مدريد سرقسطة في مواجهة حاسمة على اللقب، بينما استضاف برشلونة فريق إسبانيول في كامب نو. كانت الفرصة سانحة لريال مدريد ليصبح بطلًا إذا فاز في مباراته وخسر برشلونة في نفس اليوم، كما هو الحال عادةً في مثل هذه المواقف، كانت المباريات تُلعب في نفس التوقيت.

بدأت الأخبار بشكل مشوّق، تقدم إسبانيول (1-0) بهدف رائع من تامودو! لكن في سرقسطة، كان ريال مدريد متأخرًا أيضًا في النتيجة بعد أن احتسب الحكم ركلة جزاء لصالح أصحاب الأرض. لم يتردد دييغو ميليتو في تحويلها إلى هدف، لتصبح النتيجة 1-0 لصالح سرقسطة. في هذه الأثناء، كان برشلونة في طريقه لتحقيق تعادل مع إسبانيول في كامب نو، بعدما سجل ميسي هدفًا غير شرعي بيده، مما زاد من تعقيد الأمور بالنسبة لريال مدريد.

في الشوط الثاني، تقدم برشلونة 2-1، مما جعل الوضع أكثر صعوبة بالنسبة للريال، حيث أصبح البلوغرانا في المقدمة بفارق ثلاث نقاط. وفي الدقيقة 56، أحرز فان نيستلروي هدف التعادل لريال مدريد في سرقسطة برأسية رائعة من تمريرة عرضية أرسلها من الجهة اليمنى. ولكن، كانت هذه النتيجة غير كافية! كانت مدريد بحاجة إلى هدف آخر، وإذا لم يسجلوا، كان سرقسطة سيضيف هدفًا آخر. بالفعل، في الدقيقة 63، سجل دييغو ميليتو هدفًا ثانيًا لصالح سرقسطة، لتصبح النتيجة 2-1 لصالحهم. كانت الأمور تتدهور بسرعة، ولكن هذا لم يكن نهاية القصة.

ثم جاءت اللحظة الحاسمة… الدقيقة 89، عندما كان ريال مدريد يضغط بكل قوته بحثًا عن هدف التعادل. أرسل غوتي كرة عرضية رائعة، وهو ما أصبح علامة مميزة للنادي الملكي، استقبلها روبرتو كارلوس على الجهة اليسرى. مررها البرازيلي إلى هيغواين داخل منطقة الجزاء، وسددها الأرجنتيني في المرمى، لكن الحارس سيزار تصدى للكرة بشكل رائع. لكن الكرة ارتدت إلى فان نيستلروي الذي لم يتردد في تسديدها إلى داخل الشباك ليعادل النتيجة 2-2.

هدف تامودو ضد برشلونة

لكن المفاجأة لم تنتهِ بعد.. في برشلونة، وفي نفس اللحظة، سجل تامودو هدف التعادل 2-2 لإسبانيول، ليجعل برشلونة يفقد نقطتين ثمينتين. ومع تعادل سرقسطة 2-2 وتعادل برشلونة 2-2، استعاد ريال مدريد صدارة الدوري التي فقدها قبل دقيقة فقط. كان ذلك تحولًا مذهلًا، لحظة لا تُصدق حيث انتقل الفريق من الخسارة إلى الصدارة في غضون ثوانٍ معدودة.

اليوم الأخير

ترتيب الدوري الاسباني نهاية الجولة 37 موسم 2006-2007

وصلنا إلى اليوم الأخير، الأحد 17 يونيو 2007. كان كل شيء على المحك. ريال مدريد أنهى موسمه في الدوري الإسباني على أرضه، في سانتياغو برنابيو، وأمام جماهيره، بمواجهة ريال مايوركا صاحب المركز الحادي عشر. أما برشلونة، فكان يلعب خارج ملعبه، ولكن كما لو أنه على أرضه، أمام ناستيك تاراغونا، الذي كان قد هبط رسميًا إلى الدرجة الثانية. التوقعات كانت واضحة: فوز سهل لبرشلونة، لذا كانت الكرة في ملعب ريال مدريد… إذا فاز، أصبح بطلًا.

لكن الأمور لم تبدأ كما أرادها جمهور البرنابيو. مايوركا تقدم في النتيجة 0-1، وأصبح برشلونة، رغم عدم تسجيله بعد، متصدرًا مؤقتًا بنقطة، حيث كان التعادل في تلك اللحظات يمنحه 74 نقطة مقابل 73 للريال. ولم تمضِ دقائق حتى جاء خبر متوقع: برشلونة يسجل هدف التقدم في تاراغونا. ومع تأخر ريال مدريد، اتسع الفارق إلى ثلاث نقاط، وتحوّلت المعادلة الآن “الريال بحاجة إلى هدفين ليحقق اللقب، وليس واحدًا فقط”.

ثم ضُرب الفريق بخبرٍ مؤلم آخر: هدّاف الفريق وأمل التتويج، رود فان نيستلروي، وضع يده على فخذه الأيسر وسقط أرضًا. الإصابة جاءت في أسوأ لحظة ممكنة. دخل الشاب غونزالو هيغواين بديلًا له، في محاولة لإعادة الأمل.

الدقائق الأخيرة من الشوط الأول كانت عصيبة. الأخبار من تاراغونا لم تكن مطمئنة، برشلونة سجل هدفين إضافيين، وأصبحت النتيجة 3-0، ما أكد أن لا مفاجآت ستأتي من ناستيك. الحل الوحيد أصبح واضحًا: ريال مدريد يجب أن يقلب النتيجة بنفسه.

مع بداية الشوط الثاني، قام كابيلو بتغيير تكتيكي مهم. دخل غوتي مكان إيمرسون. تبقّت 45 دقيقة، واحتاج الفريق لهدفين على الأقل. الوقت كان عدوًا، والجماهير كانت على أعصابها. برشلونة واصل سيطرته، وسجل هدفًا رابعًا، ليقطع الشك باليقين بأن لقب الليغا لن يأتي إلا من مدريد.

اندفع ريال مدريد بكل قوته إلى الأمام. بيكهام، الذي كان يخوض آخر مباراة له بقميص الملكي، سدد ركلة حرة رائعة اصطدمت بالعارضة، في لقطة حبست أنفاس الآلاف. لكن الخطر لم يكن من طرف واحد. مايوركا كان يشكّل تهديدًا حقيقيًا بهجماته المرتدة، وكاد يضاعف النتيجة في أكثر من مناسبة. لكن الدفاع المدريدي، بقيادة سيرخيو راموس وكانافارو، قدّم مباراة كبيرة، وأبقى الفريق في المباراة.

الاندفاع الهجومي كان كبيرًا، خاصة عبر الجهة اليسرى، حيث أشعل روبينيو الجبهة بحيويته ومراوغاته. لكنه كان يفتقد اللمسة الأخيرة؛ تمريراته العرضية لم تجد من يترجمها إلى أهداف

التغيير الذهبي

الدقيقة 65، تغيّر كل شيء مرة أخرى. ديفيد بيكهام، الذي كان يتحامل على إصابة في كاحله، لم يعد قادرًا على الاستمرار. خرج من الملعب وسط تصفيق حار من جماهير سانتياغو برنابيو في لحظاته الأخيرة بقميص ريال مدريد. ودّع الفريق الأبيض كما يليق بالنجوم الكبار. دخل بدلًا منه خوسيه أنطونيو رييس ولم يكن أحد يتوقع أنه سيكون نجم السهرة.

خروج بيكهام ودخول انطونيو رييس ريال مدريد

استغرق الأمر دقيقتين فقط. بدأ كل شيء عند الراية الركنية اليسرى، حيث راوغ روبينيو مدافعًا بمهارة، ومرر الكرة إلى هيغواين المتمركز على خط المرمى تقريبًا، ليرسل الأرجنتيني عرضية قاتلة إلى رييس، الذي لم يتردد في وضعها في الشباك من أول لمسة له (1-1) .هدف التعادل أشعل البرنابيو ورفع المعنويات إلى أقصى درجاتها، لكن الفريق كان لا يزال بحاجة إلى هدف آخر “هدف يُتوّج الموسم”.

كانت المباراة مفتوحة على مصراعيها. ديارا طالب بركلة جزاء لم تُحتسب، ورد مايوركا بهجمة خطيرة أنقذها كانافارو بتدخل قوي. الدقيقة 79، ركلة ركنية لريال مدريد. نفذها هيغواين من الجهة اليسرى، وصعد ديارا عاليًا ليقابل الكرة برأسه. لمسها الحارس مويا، غير أنها لم تُوقف، لتمر عبر أقدام المدافعين وتدخل الشباك. النتيجة تشير الى تفوق الميرنجي بنتيجة 2-1.

الفرحة لم تكتمل بعد،جماهير البرنابيو بالكاد بدأت بالاحتفال بهدف ديارا، حتى جاء الهدف الثالث. هيغواين انطلق من الجهة اليمنى، مرر إلى روبينيو، وأعادها البرازيلي للأرجنتيني مجددًا. لم يستطع هيغواين السيطرة على الكرة، لتصل إلى أحد المدافعين الذي أبعدها، لكنها ارتدت إلى رييس، المتأهب على حافة المنطقة. أطلق تسديدة يسارية رائعة اخترقت الشباك وأعلنت عن هدف لا يُنسى.

هدف جعل كل من في البرنابيو كان يحتفل. اللاعبون البدلاء اندفعوا إلى أرض الملعب، بيكهام وفان نيستلروي، المصابين، احتضنوا زملاءهم في مشهد إنساني لا يُنسى. المدرب، الطاقم الفني، الجماهير كلهم عاشوا اللحظة معًا.

هدف رييس امام مايوركا موسم 2006-2007

ثم جاءت الصافرة… لتعلن ريال مدريد بطلًا للدوري الإسباني موسم 2006-2007. بعد سنوات من المعاناة والتقلبات، عاد اللقب إلى خزائن البرنابيو.لقب غالي جاء بعد موسم من الصراع، من الإصابات، من الريمونتادات تلو الأخرى.

وبعد الاحتفالات ، صعد الأبطال إلى حافلتهم، وسط الأضواء، الأهازيج، والألعاب النارية. آلاف المشجعين كانوا ينتظرونهم هناك، ليعيشوا معهم لحظة التتويج. لم تنتهِ الاحتفالات حتى ساعات الصباح الأولى، لأن 17 يونيو 2007 لم يكن يومًا عاديًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى