نادي برشلونة، البلوغرانا وفخر كتالونيا، أكثر من مجرد نادي. كان شعار الفريق الذي وضع حجر أساسه وفلسفته الكروية الحديثة المدرب الهولندي يوهان كرويف. تأسس الفريق في عام 1899 من قبل مجموعة من الهواة الإنجليز والسويسريين والإسبان تحت قيادة السويسري خوان غامبر.
وفي عام 1957، تم افتتاح ملعب النادي الجديد المعروف باسم الكامب نو الذي يعتبر من أكبر الملاعب في العالم لكرة القدم، إذ يتسع لما يزيد عن 90 ألف متفرج.
وشهدت الفترة الممتدة من عام 1958 وحتى عام 1978 غياب النادي الكتالوني عن منصات التتويج بشكل متكرر، حيث لم يحصل الفريق خلال تلك الفترة البالغة 20 عامًا إلا على 5 بطولات كأس إسبانيا. رغم هيمنة البلوغرانا على هذه البطولة، إضافة إلى امتلاك النادي للاعبين مميزين، وكان أبرزهم بكل تأكيد اللاعب الهولندي يوهان كرويف. لم يستطع نادي برشلونة إلا حصد لقب الدوري الأسباني 3 مرات فقط.
في عام 1978، بدأت حقبة جديدة في تاريخ النادي الكتالوني بتولي جوزيب لويس نونيز رئاسة الفريق، وشهدت عهده قفزة نوعية على جميع الأصعدة. وبناءً على توصية من كرويف، تم افتتاح أكاديمية للشباب لكرة القدم في عام 1979. وفي عام 1982، تم التعاقد مع الأسطورة الأرجنتينية دييغو أرماندو مارادونا بمبلغ قياسي حينها يقدر بحوالي 5 مليون جنيه استرليني من بوكا جونيورز، لكن فترته كانت قصيرة جداً لأسباب عديدة وسرعان ما انتقل إلى نابولي الإيطالي.
استطاع النادي الكتالوني في عام 1985 أن يحرز الليغا للمرة الأولى منذ 11 عامًا، وبعد عام واحد قدم الفريق مسارًا مميزًا في مسابقة دوري الأبطال وتمكن من الوصول إلى النهائي كمرشح للفوز بها بعد 25 عامًا من مشاركته في آخر نهائي في عام 1961 الذي خسره أمام بنفيكا. لكن ما حدث في النهائي أمام ستيوا بوخارست كان صادمًا حيث هُزم برشلونة بركلات الترجيح.
في عام 1988، وقعت حادثة واحدة من أشهر الحوادث التاريخية التي لن تنسى في تاريخ برشلونة، حيث ظهر قائد الفريق أليكسانكو رفقة مجموعة من اللاعبين بحضور المدرب لويس أراغونيس في مؤتمر صحفي، مطالبين بإستقالة الرئيس لويس نونيز ومجلس إدارته، وأصبحت هذه الفترة معروفة فيما بعد بـ “تمرد هيسبيريا”.
أزمة كانت رب ضارة نافعة ذ انتهت برحيل المدرب وعدد من اللاعبين، وأسفرت عن بداية مرحلة جديدة في عهد جوسيب لويس نونيز، حيث تم التوقيع مع لاعبهم السابق يوهان كرويف كمدرب، وكانت هذه بداية عهد الدريم تيم الأول في نادي برشلونة.
برشلونة يوهان كرويف : البدايات
مع قدوم الهولندي،وجدت الأجواء متوترة وكانت بيئة النادي مليئة بالمشاكل، حيث لم يكن هناك أي مشروع رياضي واضح، وهذا ما جاء من أجله الهولندي، لإصلاح الأمور على المستوى الرياضي ورفع مستوى الفريق. الهدف كان مواكبة العصر بأسلوب ممتع ومميز، دمج عقلية هولندية بأقدام كتالونية، والمعروف باختصار بـ “الكرة الشاملة”، وهو الأساس الذي سيعتمد عليه برشلونه في السنوات القادمة، بالإضافة إلى الاعتماد على أبناء النادي الذين يحملون الحمض النووي الكتالوني، ويتم ترسيخ هذه المفاهيم لهم منذ الصغر. يمكن تلخيص كل هذه الأمور في كلمة واحدة: “لاماسيا“.
في أول موسم لكرويف، تمكن النادي من احتلال المركز الثاني خلف ريال مدريد بطل الدوري في ذلك الوقت، ورغم الخروج من بطولة كأس الملك، نجح الهولندي في قيادة البلاوغرانا إلى نهائي كأس الكؤوس الأوروبية الذي اختتم بفوز البلاوغرانا باللقب.
بعد فوز الرئيس نونيز بولاية جديدة، بدأ العمل بجدية في تعزيز صفوف الفريق الكتالوني. كانت سياسة كرويف مختلفة عن باقي المدربين حيث اعتمد على مزيج من لاعبي لاماسيا مثل خوسيه ماري باغيرو، ونجوم خارج النادي مثل رونالد كومان ومايكل لاودروب.
في موسم 89-90، استطاع فريق الهولندي الفوز ببطولة كأس ملك إسبانيا أمام منافسهم الأزلي ريال مدريد في المباراة النهائية، وكان هذا اللقب بمثابة بداية لانطلاق فريق الأحلام الذي سيصنعه كرويف في المواسم المقبلة.
برشلونة كرويف: فريق الاحلام
في سوق الانتقالات لموسم 90-91، كانت الصفقة الأبرز هي انتقال البلغاري هريستو ستويتشكوف من نادي سيسكا صوفيا في صفقة بلغت حوالي 3 مليون يورو. يُعتبر اللاعب أحد أبرز ركائز فريق الأحلام وهداف النادي خلال تلك الفترة.
استطاعت كتيبة كرويف تحقيق موسم كبير في الليغا، حيث تمكنوا من الفوز في مباراة الكلاسيكو ضد ريال مدريد بنتيجة 2-1، بالإضافة إلى تحقيق فوز تاريخي في الدوري على حساب أتلتيك بلباو بنتيجة 6-0، حيث كان نجم المباراة بالتأكيد الهداف ستويتشكوف الذي سجل سوبر هاتريك.
في النهاية، توج برشلونة بلقب الدوري الإسباني بفارق 10 نقاط عن صاحب المركز الثاني أتلتيكو مدريد.
أما في كأس ملك إسبانيا، فقد توقف مشوار زملاء رونالد كومان في دور النصف النهائي على يد أتلتيكو مدريد.
في بطولة كأس الكؤوس الأوروبية، تمكن برشلونة من إقصاء يوفنتوس الإيطالي، بالرغم من خسارته في مباراة الإياب بهدف من أسطورة الفريق روبيرتو باجيو، وذلك بفضل الفوز في مباراة الذهاب بنتيجة 3-1. لكنهم خسروا في المباراة النهائية أمام مانشستر يونايتد بقيادة السير أليكس فيرجسون بنتيجة 1-2.
الموسم كان ناجحًا لبرشلونة الذي استعاد لقب الدوري الإسباني بعد غياب دام 6 سنوات، وفي الموسم القادم، ارتفعت آمال الجماهير المتحمسة بالفريق للفوز بلقب دوري أبطال أوروبا لأول مرة في تاريخ النادي.
أول دوري أبطال لبرشلونة
أما مسيرة الفريق في دوري الأبطال، فانطلق قطار البلاوجرانا بالفوز على هانزا روستوك الألماني بثلاثية نظيفة في مباراة الذهاب، رغم خسارتهم في الإياب بهدف نظيف. وفي ألمانيا مجددًا، ولكن هذه المرة واجهوا الاختبار الأصعب في البطولة أمام كايزر سلاوتون.
فاز برشلونة على الفريق الألماني بهدفي تشيكي بيجريستين في مباراة الذهاب، نتيجة من المفترض أن تكون مريحة لبرشلونة، ولكن بشكل مفاجئ في لقاء العودة، أصبحت النتيجة تشير إلى تقدم كايزر سلاوترن بثلاثية نظيفة. كان يبدو وكأنه موسم آخر بدون تتويج ببطولة دوري الأبطال، ولكن رونالد كومان أرسل عرضية على رأس باكيرو في الدقيقة 90 ليضعها في الشباك ويطير بالبرسا إلى الدور الموالي، ويعطي أملاً جديداً للحلم المنتظر.
استمر برشلونة في مغامرته الأوروبية بنجاح، وذلك بتصدره لمجموعته بأريحية على حساب سبارتا براغ التشيكي، دينامو كييف الأوكراني، وأخيراً نادي بنفيكا، وفقًا للنظام القديم الذي يتأهل فيه أصحاب المركز الأول في المجموعات مباشرة إلى النهائي.
وواجه فريق برشلونة في المباراة الختامية نادي سامبدوريا الإيطالي في ملعب ويمبلي. انتهى وقت المباراة الأصلي بالتعادل السلبي وكان شبح بوخاريست يلوح في الأفق، وفي الدقيقة 112، أسدل الستار بركلة حرة مباشرة من رونالد كومان في الوقت الإضافي الثاني، حيث خدع الحارس باليوكا ومنح التقدم لبرشلونة. انتهت المباراة بهذا الهدف الغالي والتاريخي، ليحقق برشلونة أول بطولة دوري أبطال أوروبا في تاريخه.
على الرغم من فترة استمرت سنتين دون الفوز بالألقاب، والصراعات التي واجهها مع الرئيس لويس نونيز في الفترة الأخيرة، مما أدى في النهاية إلى رحيله عن النادي، بالإضافة إلى الهزيمة القاسية في نهائي دوري الأبطال أمام نادي ميلان بنتيجة 4-0، لا يمكن إنكار نجاح يوهان كرويف كواحد من أنجح المدربين في تاريخ برشلونة. خلال فترة إشرافه، حقق الفريق ما مجموعه 11 لقبًا، بما في ذلك 4 ألقاب متتالية في الدوري الإسباني. يُعتبر هذا الفريق، المعروف بـ “الدريم تيم”، مصدر إلهام كبير للأجيال القادمة، وفلسفة كرويف وضعت الأسس القوية للنجاحات التي حققها البلاوغرانا في المستقبل.