قصص كرويةالأندية

بورتو: قصة ثورة جوزيه مورينيو

حقق نادي بورتو، تحت قيادة المدرب جوزيه مورينيو، إنجازًا تاريخيًا عندما فاز بدوري أبطال أوروبا في عام 2004. لقد تمكّن الفريق من تحقيق هذا الحلم الكبير بفضل جهود لاعبين لم يكونوا معروفين بشكل واسع في ذلك الوقت.

كان هذا الفوز نقطة تحول في مسيرة مورينيو، حيث قاد النادي للفوز بالبطولة بطريقة مذهلة، مما جعل تكرار هذا الإنجاز أمرًا صعبًا في ظل التنافس الشديد في كرة القدم اليوم.

تاريخ نادي بورتو

تاريخ نادي بورتو

كما هو الحال في العديد من دول القارة الأوروبية، تتمتع البرتغال بعدد من الأقطاب في كرة القدم، وأحد أبرز هذه الأندية هو نادي بورتو البرتغالي، الذي يُعتبر من أعرق الأندية الأوروبية. يُعد بورتو واحدًا من أهم ثلاثة أندية في البرتغال، ولم يسبق له الهبوط إلى الدرجة الثانية منذ بدء الدوري البرتغالي عام 1933.

عانى النادي خلال مسيرته من فترات جفاف في الألقاب، وكانت أصعب تلك الفترات بعد تحقيقه لقب الدوري في موسم 1958-1959، حيث دخل في نفق مظلم دام 19 عامًا دون الفوز بأي لقب دوري. في تلك السنوات، سجل الفريق أسوأ مركز له في تاريخه بالدوري البرتغالي، حيث احتل المركز التاسع في موسم 1969-1970، مما جعل الكثيرين يعتبرون هذه الفترة الأسوأ في تاريخ الفريق وكاد أن يفقد سمعته كفريق كبير. لكنه نجح في وضع حد لهذه المعاناة في عام 1978.

في عام 1987، وصل النادي البرتغالي إلى أول نهائي له في دوري الأبطال أمام بايرن ميونيخ. ورغم تقدم بايرن في الدقيقة 25، استطاع بورتو قلب الطاولة وسجل هدفين في أقل من ثلاث دقائق، أحدهما كان الهدف الشهير بالكعب من الأسطورة الجزائرية رابح مادجر، ليصبح بذلك ثاني ناد برتغالي بعد بنفيكا يحقق لقب دوري الأبطال.

خلال فترة التسعينيات، سيطر فريق بورتو البرتغالي على لقب الدوري بشكل مطلق، حيث توج بخمسة ألقاب متتالية من موسم 1994-1995 إلى موسم 1998-1999. لكن في موسم 2001-2002، تراجع الفريق إلى المركز الخامس في الدوري، وهو أسوأ مركز له منذ 20 عامًا. في يناير من تلك السنة، تم الاستغناء عن المدرب أوكتافيو ماتشادو، وتم تعيين المدرب المثير للجدل جوزيه مورينيو لإكمال الموسم. وقد تمكن مورينيو من إنهاء الدوري في المركز الثالث بعد تحقيقه 11 انتصارًا من أصل 15 مباراة، حيث وعد في مؤتمر تقديمه بأن بورتو سيصبح بطل الدوري في الموسم التالي.

ترتيب الدوري البرتغالي موسم 2001-2002

كان الموسمان القادمان بمثابة الحلم والحقبة الذهبية للنادي في الألفية الجديدة، وهي فترة يصعب تكرارها حاليًا.

حقبة جوزيه مورينيو في بورتو

مورينيو في تداريب نادي بورتو

موسم 2002-2003

مع بداية هذا الموسم، تعاقد النادي مجموعة من اللاعبين المميزين مثل مانيك، ريكاردو كارفاليو، وباولو فيريرا، بالإضافة إلى وجود النجم ديكو، ليشكلوا فريقًا قويًا. كان أسلوب جوزيه مورينيو يعتمد على الضغط العالي الذي يبدأ من خط الهجوم، إلى جانب القدرات البدنية الكبيرة للاعبين. وتمكن النادي البرتغالي من الحصول على لقب الدوري بفارق كبير بلغ 11 نقطة عن ملاحقه بنفيكا،و27 نقطة عن حامل اللقب سبورتينغ ليشبونة. لم يخسر الفريق طوال الدوري سوى في مبارتين، وبهذا الوفى مورينيو بوعده وأعاد بورتو إلى قمة الدوري البرتغالي.

قاد مورينيو الفريق أيضًا للفوز بكأس البرتغال على حساب ناديه السابق أونياو ليريا في النهائي. في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي، التي تُعتبر ثاني أهم المسابقات القارية، واجه بورتو عقبة في ربع النهائي ضد فريق باناتينايكوس اليوناني، الذي حقق الفوز في مباراة الذهاب بهدف دون مقابل.

في مباراة الإياب، وعلى ملعب مملوء بالجماهير، كان بورتو يسعى لتدارك الموقف أمام خصمه اليوناني الذي لم يُهزم على أرضه أوروبيًا منذ 8 سنوات. تمكن بورتو من تعويض خسارته في الذهاب بتسجيل الهدف الأول في الدقيقة 15، مما جعل المباراة تمتد إلى الوقت الإضافي. وفي الدقيقة 103، تمكن الفريق البرتغالي من تسجيل هدف التأهل عبر هجمة مرتدة.

في نصف النهائي، واجه بورتو نادي لاتسيو الإيطالي بقيادة روبيرتو مانشيني مع عدد من النجوم المميزين. افتتح فريق لازيو التسجيل عن طريق لوبيز في الدقائق الأولى، لكن مانيك عادل النتيجة في الدقيقة 10، ثم أضاف البرازيلي ديرلي الهدف الثاني بعد 15 دقيقة. وفي الشوط الثاني، سجل ديرلي الهدف الثالث، وأنهى بوسيغا مهرجان الأهداف بتسجيل الهدف الرابع. انتهت مباراة الإياب بالتعادل السلبي، ليصل التنانين البرتغالية إلى المباراة النهائية.

بعد الفوز بالدوري وكأس البرتغال، كان هدف مورينيو هو تحقيق ثلاثية بإضافة كأس الاتحاد الأوروبي إلى خزائن الفريق. في النهائي، واجه نادي بورتو البرتغالي نادي سيلتك الاسكتلندي على ملعب لاكارتوخا في إشبيلية. شهد النهائي أداءً ممتعًا، حيث افتتح ديرلي التسجيل للنادي البرتغالي قبل نهاية الشوط الأول. وعادل لارسون، نجم سيلتك، النتيجة في بداية الشوط الثاني، لكن بورتو تقدم مرة أخرى في الدقيقة 54. لم تلبث 4 دقائق حتى عادل لارسون النتيجة برأسية رائعة. في الأشواط الإضافية، حسم ديرلي الأمور في الدقيقة 115، ليضيف بورتو لقبًا أوروبيًا بعد 17 عامًا.

فوز نادي بورتو بكأس الاتحاد الأوروبي موسم 2002-2003

في كتابه الشخصي، ذكر مورينيو أنه كان مستعدًا للرحيل بعد تحقيق هذه الثلاثية، لكن رئيس الفريق أقنعه بالبقاء موسمًا إضافيًا.كنت أنوي الرحيل بعد تحقيق الثلاثية، لكن الرئيس قال لي: “مورينيو، لا تترك الفريق. أعدك لن أبيع أي لاعب، دعنا نحلم في دوري الأبطال.”

موسم 2003-2004

بورتو بطلا لدوري ابطال اوروبا 2004

بعد انتهاء الموسم الماضي، بدأ جوزيه مورينيو وإدارة الفريق العمل سريعًا خلال فترة الانتقالات الصيفية، حيث تم تعزيز الفريق بعدد من اللاعبين الجدد مثل بيني ماكارتي من سيلتا فيغو، وبوسينغوا، وكارلوس ألبرتو من فلومينيسي. في المقابل، انتقل بوسيغا إلى توتنهام الإنجليزي بصفقة قدرها 9 ملايين يورو.

واصل مورينيو خلق أجواء إيجابية في النادي بهدف تكرار نجاح الموسم السابق، لكن البداية لم تكن مثالية، حيث خسر الفريق مباراة السوبر الأوروبي أمام ميلان الإيطالي بهدف سجله تشيفشينكو. رغم ذلك، قدمت التنانين البرتغالية مستويات عالية في الدوري، حيث حقق انتصارًا مهمًا على غريمه بنفيكا بثنائية نظيفة، واستمر في هيمنته المطلقة على الدوري البرتغالي، محققًا سلسلة من 28 مباراة دون خسارة.

سلسلة نادي بورتو بدون هزيمة

أنهى بورتو الدوري في الصدارة برصيد 82 نقطة، متفوقًا على أقرب ملاحقيه بنفيكا بفارق 8 نقاط، ليحقق اللقب قبل خمسة أسابيع من نهاية البطولة.

أما في المسابقات الأوروبية، فقد بدأ الفريق مشواره بشكل متعثر، لكنه انتفض لاحقًا محققًا 3 انتصارات متتالية في دور المجموعات، بالإضافة إلى تعادل ثمين على ملعب سانتياغو برنابيو، ليتأهل كثاني المجموعة خلف ريال مدريد المتصدر.

في دور الـ16، واجه بورتو مانشستر يونايتد بقيادة السير أليكس فيرجسون. تقدم مانشستر يونايتد في المباراة عن طريق فورتين، لكن كتيبة مورينيو تمكنت من حسم الفوز بصعوبة بواسطة ثنائية من ماكارتي. في مباراة الإياب على ملعب أولد ترافورد، استطاع مانشستر يونايتد تعديل النتيجة بتسجيل هدف لبول سكولز في الشوط الأول، مما وضع بورتو على حافة الخروج من المسابقة.

ومع ذلك، حدثت معجزة في اللحظات الأخيرة، حيث سدد ماكارثي ركلة حرة تصدى لها الحارس هوارد بصعوبة، ليكملها كوستنيا في الشباك. حينها، ركض مورينيو بشكل شهير أمام 67 ألف متفرج، وانتهت المباراة ليخرج المدرب البرتغالي رافعًا إصبعه كإشارة أن الحلم لم ينته بعد.

في ربع النهائي، أوقعت القرعة بورتو في مواجهة أولمبيك ليون، وتمكن الفريق من تحقيق انتصار ذهابًا بثنائية سجلها ديكو وريكاردو كارفاليو. أما مباراة الإياب، فقد انتهت بتعادل مثير بهدفين لكل فريق.

في نصف النهائي، واجه بورتو ديبورتيفو لاكارونيا الذي حقق معجزة كروية أمام ميلان. انتهت مباراة الذهاب بالتعادل السلبي في ملعب دراغاو، بينما قدم بورتو في مباراة الإياب أداءً دفاعيًا مميزًا، معتمدًا على الهجمات المرتدة. حصل ديكو على ركلة جزاء سجلها ديرلي في الدقيقة 60، لتنتهي المباراة بفوز بورتو بهدف نظيف، محققًا حلم الوصول إلى نهائي دوري الأبطال لمواجهة موناكو الفرنسي.

ورغم خسارة الفريق أمام بنفيكا في نهائي الكأس، كانت الأعين مركّزة فقط على لقب دوري الأبطال. لم يكن النهائي صعبًا على كتيبة مورينيو، حيث تمكنوا من الفوز بثلاثية نظيفة، محققين كأسًا طال انتظاره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى